إن ما يتعرض له الأقصى الحبيب جريمة سنحاسب عليها جميعا بين يدي الله
عز وجل لو تقاعسنا أو تخاذلنا وليس لنا عذر أمام الله -عز وجل- لو لم ننهض لمسح
الخزي والعار الذي لحق بأمتنا وليست القدس ملكا لأهل فلسطين إنما هي ميراث المسلمين
ليس لحاكم أو محكوم أن يفرط في شبر من أرض الإسراء "ومن يفعل ذلك يلق أثاما" لذا
واجب علينا جميعا أن ننهض لإعادة الحق المغصوب والمجد المسلوب "ومن نكث فإنما ينكث
على نفسه"
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور يوسف القرضـاوي
لا يجوز
لمسلم – مسؤولاً كان أو غير مسؤول - أن يتنازل عن أي جزء من أرض الإسلام، فأرض
الإسلام ليست ملكًا لرئيس ولا لأمير ولا لوزير ولا لجماعة من الناس، حتى تتنازل
عنها تحت أي ضغط أو ظرف.
وإنما الواجب على الأفراد والجماعات الجهاد
والنفير والمقاومة لتحرير أي أرض احتلها الأعداء، أو لاستعادتها إذا اغتصبها مغتصب،
والأمة كلها مسؤولة بالتضامن عن ذلك، لا يملك حاكم ولا محكوم التفريط في هذا الأمر.
وإذا عجز جيل من أجيال الأمة أو تقاعس، فلا يجوز له أن يفرض عجزه أو تقاعسه
على كل أجيال الأمة القادمة إلى يوم القيامة، فيتنازل عما لا يجوز له التنازل عنه.
ولهذا أصدرنا فتوانا بتحريم قبول التعويض عن أرض فلسطين بالنسبة للاجئين
المشردين في أنحاء العالم، ولو بلغ مئات المليارات، فأوطان الإسلام لا تقبل البيع
ولا التنازل أو التعويض عنها بحال من الأحوال.
وإذا كان هذا الحكم في شأن
أي أرض إسلامية، فكيف إذا كانت هذه الأرض هي القدس الشريف، أولى القبلتين، وبلد
المسجد الأقصى، وثالث المدن المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة، والأرض التي
انتهى إليها الإسراء، وابتدأ منها المعراج. وحسبنا في فضلها قول الله تعالى: "سبحان
الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه
من آياتنا" الإسراء: 1.
ولهذا كان للقدس مكان في قلب كل مسلم، في المشرق أو
المغرب، تمس شغافه، وتتغلغل في أعماقه، حبًا لها، وحرصًا عليها، وغيرة على حرماتها،
واهتمامًا بشأنها. ومن أجلها أصبحت قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، لها
يفزعون، وعليها يحافظون، وفي سبيلها يدافعون ويقاتلون، ولا يضنون عليها بنفس ولا
نفيس.
والقدس هي رمز قضية فلسطين، المشير إليها والمعبر عنها، وهي جوهر
القضية وروحها، وهي كما قال القائل:
فما معنى فلسطين بلا أقصى ولا قدس؟
فلسطين بلا قدس كجثمان بـلا رأس!
وكثيرًا ما سألني شباب مسلم في
جولاتي المختلفة في بلاد الإسلام، وضعوا رؤوسهم على أكفهم، وقالوا بحرارة وحرقة:
كيف نبرئ ذمتنا ونسقط الفرض الواجب في أعناقنا في الدفاع عن القدس؟ وكيف الطريق
إليها؟
ولقد رأينا كيف هاج العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، حينما حاول
يهودي متعصب إحراق المسجد الأقصى سنة 1969، فتنادى المسلمون في كل مكان، وعقدت
القمة الإسلامية الأولى، التي انبثقت عن إنشاء (منظمة المؤتمر الإسلامي).
وحينما احتل الصليبيون القدس قديمًا، كان الذين عملوا على تحريرها مسلمين
من غير العرب، مثل عماد الدين زنكي التركي، وابنه نور الدين محمود الشهيد، وتلميذه
صلاح الدين الأيوبي الكردي، الذي حرر القدس على يديه.
ولا يزال المسلمون في
كل مكان مستعدين للبذل والتضحية من أجل القدس العزيز، وهذا ما لمسته لدى كل الشعوب
التي زرتها، ابتداء من الفلبين وإندونيسيا في الشرق إلى المغرب العربي في الغرب،
وإن لم ينعكس هذا بصورة قوية وواضحة لدى حكام المسلمين للأسف.
إن القدس جزء
عزيز من دار الإسلام، وأرض الإسلام، ووطن الإسلام، وقد صار للمسلمين فيها أربعة عشر
قرنًا من الزمان، ولم يأخذوها من اليهود، فقد انتهى الوجود اليهودي فيها منذ مئات
السنين، كما انتهت دولتهم قبل ذلك بمئات السنين، فلم تقم لليهود دولة في فلسطين إلا
بضع مئات من السنين، وكان العرب وغيرهم فيها منذ آلا السنين.
لقد تسلم عمر
بن الخطاب القدس من (بطريركها) النصراني، وكان مما شارط عليه عمر: ألا يساكنهم فيها
يهود!
إن السيادة على القدس –الشرقية خاصة- يجب أن تكون إسلامية عربية
فلسطينية وهذا لا يمنع النصراني، كما لا يمنع اليهودي، أن يقيم شعائر دينه فيها بكل
حرية وسماحة، عرف بها الإسلام على توالي العصور.
على أن قرارات الشرعية
الدولية، الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تؤكد أن القدس ضمن الأراضي العربية
المحتلة منذ سنة 1967م.
ومن ثم نجد الأدلة كلها من التاريخ ومن الدين، ومن
القانون الدولي متضافرة على إثبات حق الفلسطينيين في القدس.
والله غالب على
أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.